كثر ما يضر أى اقتصاد فى العالم هو الرسائل المشوشة. إن كنا نؤمن بالتأثير الفعال للمعلومات على جميع المتغيرات الاقتصادية، فإن رسالة سلبية واحدة يمكنها أن تهوى بسرعة قياسية بأسهم شركة عالمية فى جلسة تداول واحدة بالبورصة. نكتة سخيفة أطلقها «جيرالد راتنر» صاحب سلسلة «راتنرز جروب» الشهيرة والمتخصصة فى بيع المجوهرات حط فيها من قيمة منتجاته واستخف بعملائه أفقد الشركة قرابة 500 مليون جنيه إسترلينى من قيمتها السوقية فى دقائق، وانخفض سعر السهم بمقدار 80% ثم أغلقت الشركة مئات المتاجر، وسرحت قرابة 25 ألف موظف فى نهاية عام 1991 بعد أن دمرت النكتة السخيفة الفلسفة التى نشأت عليها سياسة التسويق بالشركة.
تغريدات «إيلون ماسك» مؤسس شركة «تسلا» عادة ما يكون لها تأثير سلبى على أسعار أسهم الشركة، وقد تلقى ضربات سابقة من جهات الرقابة على السوق بتهمة التلاعب بالأسعار.. حتى على مستوى اقتصاد الدول فإن أكبر اقتصاد فى العالم تحركه تغريدات الرئيس الأمريكى مثل «اليويو» حتى أوشكت الرسائل الرئاسية أن تفقد قوتها من فرط الضجيج الذى تحمله. حروب تجارية مع الصين، وعود بالقضاء على البطالة وتشجيع الصناعة المحلية، اتهامات متبادلة مع المعارضين، دعم غير مسبوق للبورصات.. وعد ووعيد فى تغريدات تعاقبت خلال سنوات رئاسة «ترامب» ومازالت تترى.
***
فى الإدارة ما أقسى أن تدار منظومة ما برسائل مرتبكة ملتبسة على أصحاب المصلحة والتخصص، ناهيك عن العوام. من الجائز أن تختلف سياسات الغرف المغلقة عن تلك المعلنة على شاشات البورصة وفى المؤتمرات الصحفية، لكن من المستحيل أن تصل درجة الاختلاف إلى التنافر والتضاد على طول الخط! تلك الحالة من النفاق المؤسسى لا أمل لها فى الاستمرار، وإن استمرت فإنها تدور بأصحابها فى دوائر عبثية مفرغة ولا تنطلق أبدا إلى الأمام.
مثلا من المستبعد أن تؤس