يشهد العالم حاليًا تصارعًا على إنتاج لقاحات لمواجهة فيروس كورونا، ويتسابق الجميع للحصول على الكعكة الكاملة للعائد المالي الخيالي المتوقع من بيع دواء لجائحة تهدد مليارات البشر.
يجري حاليًا تطوير أكثر من 100 لقاح محتمل لمرض كورونا، ودخل عدد منها طور التجارب السريرية. لكن منظمة الصحة العالمية حذرت في ابريل من أن تطوير اللقاح سيستغرق 12 شهرا على الأقل، ويحفز هذا النوع من اللقاحات خلايا الجسم لإنتاج مواد جزيئية تتواجد على سطح الفيروس تحفز بدورها جهاز المناعة ليؤدي دوره.
وفجرت شركة الأدوية البريطانية السويدية “أسترا زينيكا” مفاجأة بإعلانها إنتاج نحو مئة مليون جرعة من “لقاح جامعة أكسفورد” المضاد لفيروس كورونا بحلول سبتمبر المقبل، على أن تخصص أول ثلاثين مليون جرعة من اللقاح لبريطانيا في حال نجاحه في وقف العدوى
وتتوقع الشركة وصول اللقاح الذي تعمل على تطويره جامعة أوكسفورد بالشراكة مع مجموعات بحثية أخر إلى تجاربه النهائية بحلول منتصف العام، بينما أعلن وزير الأعمال، ألوك شارما، عن توقيع اتفاقية ترخيص عالمية بين جامعة أكسفورد وشركة الأدوية كجزء من خطة بقيمة 130 مليون جنيه إسترليني لتلقيح نصف سكان المملكة المتحدة.
وستنتج الشركة 100 مليون جرعة أخرى من اللقاح مع مرور الوقت، ومن أجل تحقيق هذا المسعى في أقرب وقت ممكن، أعلن شارما صرف مبلغ 84 مليون جنيه إسترليني نقدًا إضافيا للجامعتين، أكسفورد وإمبريال، لزيادة إنتاج اللقاحات المحتملة الرائدة.
تم تخصيص 65.5 مليون جنيه استرليني لأكسفورد و18.5 مليون جنيه استرليني لإمبيريال. هذا بالإضافة إلى 47 مليون جنيه إسترليني تم تسليمها بالفعل للعلماء الذين يتسابقون من أجل علاج للوباء المستعر في أنحاء العالم، وهذا يعني أن المملكة المتحدة ستكون أول دولة تحصل على لقاح أكسفورد.
لكن خبراء حذروا من أن تجربة اللقاح في قرود “المكاك” لم تمنعها من الإصابة بالفيروس، رغم السمعة العالمية التي تحظى بها “أوكسفورد”.
وقال الأستاذ السابق في كلية الطب بجامعة هارفارد، ويليام هاسيلتين، الذي كان له دور محوري في تطوير علاجات فيروس نقص المناعة البشرية: “لم يكن هناك اختلاف في كمية الحمض النووي الريبي الفيروسي المكتشفة في القرود الملقحة مقارنة بالحيوانات غير المحصنة. وهذا يعني أن جميع الحيوانات الملقحة مصابة.”
وقال أستاذ علم الفيروسات الجزيئية في جامعة نوتنجهام، جوناثان بول، إن بيانات اللقاح تشير إلى أن اللقاح قد لا يكون قادراً على منع انتشار الفيروس بين الأفراد المصابين، مضيفًا: “الكميات الفيروسية في أنوف الحيوانات المحصنة وغير المحصنة متطابقة، وهذا أمر مهم للغاية”، وتابع “إذا حدث الشيء نفسه في البشر، فإن التطعيم لن يوقف الفيروس عن الانتشار”، لكنه قد يقلل من شدته.
لقاح أمريكي
في الوقت ذاته أعلنت شركة “موديرنا” الأمريكية عن معطيات “إيجابية” لتطوير لقاح لفيروس كورونا، لكنها في نفس الوقت “مؤقتة”، وفي المرحلة الأولى من التجارب السريرية على مشروع لقاح ضد وباء “كوفيد 19”.
وقالت، في بيان، إن اللقاح بدا وكأنه يثير استجابة مناعية لدى ثمانية أشخاص تلقوه، بنفس حجم الاستجابة التي يمكن رؤيتها لدى الأشخاص الذين أُصيبوا بالفيروس، كما أضاف البيان أن المرحلة الثالثة من التجارب السريرية، وهي الأهم مع عدد كبير من المتطوعين، ستبدأ في يوليو المقبل.
تحرك روسي
وفي روسيا، قال ميخائيل موراشكو وزير الصحة الروسي، إن الوزارة تعمل بالفعل على تطوير أدوية لعلاج الناس في جميع مراحل المرض ويتم استخدامها بالفعل وتعمل بجد على تطوير لقاح ونأمل في بدء التجارب السريرية في غضون شهر.
وأكد مركز “جاماليا” الروسي لأبحاث الأوبئة والأحياء الدقيقة أن عملية تصميم لقاح ضد فيروس كورونا المستجد، بدأت في روسيا في منتصف فبراير، وستستخدم في عملية إنتاج اللقاح، نفس المنصة الشاملة، التي تم استخدامها سابقا ضد فيروس إيبولا، وفيروس “ميرس”، موضحا أن مكان حقن اللقاح بعد ظهوره، سيكون في كتف الإنسان.
وأكد المركز أن العمل في هذا المجال جار على قدم وساق، واللقاح يخضع حاليا بشكل رسمي للاختبارات ما قبل السريرية، ومن ثم سيقدم المركز، الوثائق إلى وزارة الصحة الروسية، للحصول على إذن لإجراء تجارب سريرية على البشر، مشددًا على أن اختبار اللقاح على الحيوانات الصغيرة مثل الفئران والقوارض الأخرى، أظهر مناعة عالية للغاية.
ورشة صينية
في الوقت ذاته، أعلنت شركة CEFOC الصينية أنها بنت أكبر مصنع لإنتاج اللقاحات في العالم، بطاقة 100 مليون جرعة سنويًا بمجرد إثبات أن أحدها آمن وفعال.
وأشارت شبكة تلفزيون الصين الدولية إلى أنه ووفقا للمعايير العالمية، يتم استخدام منشأة إنتاج بمستوى السلامة الحيوية 3 (BSL-3) للعمل الذي يشمل الميكروبات التي يمكن أن تسبب أمراضا خطيرة وقاتلة عن طريق الاستنشاق، على سبيل المثال، أمراض الجهاز التنفسي مثل “السارس”، و”متلازمة الشرق الأوسط التنفسية”، ويمكن القيام بهذا النوع من العمل في المرافق السريرية أو التشخيصية أو البحثية أو الإنتاجية.
و المشروع يمثل أكبر ورشة عمل جديدة لإنتاج لقاحات فيروس كورونا الجديد في العالم، بالإضافة إلى أن استكماله يسد أيضا فجوة الأمن البيولوجي في مجال اللقاحات للوقاية من الأوبئة المحلية الرئيسية ومكافحتها، وإنه ذو أهمية كبيرة لتطوير الأدوية واللقاحات لوباء فيروس كورونا المستجد.
وقامت الصين بالبحث والتطوير وإنتاج اللقاحات الكاملة المعطلة ضد الفيروس، دخل 8 مرشحين في التقييم السريري، مع 4 منها طورها باحثون صينيون، وكشف المطور الرئيسي تشين وي في الـ25 من أبريل لوسائل الإعلام الصينية أنه تم تلقيح 508 متطوعين خلال المرحلة الثانية، وهم الآن تحت الملاحظة، مضيفا أنه “إذا سارت الأمور على ما يرام، سيتم الإعلان عن النتائج في شهر مايو”.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية في الشهر الماضي، يحتاج تطوير لقاح كوفيد – 19 إلى فترة ما بين 12 و18 شهرا على الأقل، ولكن الدكتور قاو فو، رئيس المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، صرح بأن لقاحا قد يكون جاهزا للاستخدام في حالات الطوارئ بحلول سبتمبر، وسيتم إعطاء الدفعة الأولى للعاملين الصحيين في الخطوط الأمامية.
تحرك تايلاندي
وتتوقع تايلاند أن يكون لقاح فيروس كورونا جاهزا للاستخدام في العام المقبل وذلك بعد تحقيق نتائج إيجابية في التجارب على الفئران.
وقال تاويسين ويسانويوتين المتحدث باسم مركز إدارة أزمة كوفيد- 19 التابع للحكومة إن تايلاند ستبدأ اختبار اللقاح وهو من نوع (مسنجر آر.إن.ايه) على القردة الأسبوع المقبل بعد نجاح التجارب على الفئران، ومن المتوقع استخدام اللقاح التايلاندي العام المقبل”.